Imadhussain09@hotmail.com
يحرص الآباء على تقديم النصح والتوجيه باستمرار لأبنائهم، أملا في غرس القيم الجميلة والخصال الحميدة فيهم، وبالطبع يحدث ذلك من منبع الحرص والمحبة، فكل أب واع حريص على أن يرى أبناءه في صدارة كل شيء حسن، ولا يقل حرص الأمهات عن الآباء في ذلك، ولكن قد يختلف الأسلوب والطريقة في التوجيه، كما يقوم الإخوة والأخوات الأكبر سنا بدور الموجه والناصح أيضا لإخوانهم وأخواتهم الأصغر.
ولكي تُحقق عملية النصح الأهداف المرجوة منها، يجب التنبه إلى أن تقبل هذا التوجيه والإرشاد مرهون بعدة عوامل، من أهمها أن يمثل مقدم النصح قدوة حسنة للمتلقي، ولذلك فإن الأب المدمن على التدخين سيكون غير مقنع لأبنائه عند حديثه معهم عن أضرار التدخين وضرورة الابتعاد عنه، ونفس الأمر ينطبق على الأم المبذرة عند توجيهها لبناتها طالبة منهن الاقتصاد وعدم الإسراف.
وللمدرسة دور تكاملي مع الدور الذي تقوم به الأسرة في توجيه أبنائنا وبناتنا، وإنني لا أبالغ في وصف معظم من هم في جيلي بأنهم من المحظوظين، وذلك لتتلمذهم على أيدي معلمين معظمهم كان ملتزما بتقديم الدور التربوي إلى جانب الدور التعليمي، فالمعلم الناجح يقوم باستكمال دور الأسرة في توجيه الأبناء وتعليمهم القيم الجميلة والأخلاق الحميدة، وحثهم على طلب العلم، ويكتشف مواهبهم وإمكانياتهم في وقت مبكر ويساهم في تنميتها وصقلها، وليقوم المعلم بدوره على أتم وجه، عليه أن يكون هو أيضا قدوة حسنة لتلاميذه.
أما على المستوى المهني فمن الطبيعي أن يقوم المسؤول بالتأكيد على جملة من الأمور على موظفيه، منها أهمية العمل الجماعي وضرورة العمل كفريق واحد، والانضباط في العمل، وأهمية المساواة والعدالة بين الجميع، وضرورة الإخلاص في العمل والحفاظ على المال العام.
إلا أن المسؤول الأناني، الذي يسرق جهد موظفيه وينسبه لنفسه، والبخيل في كل شيء فهو يستكثر عليهم حتى كلمة الشكر، أو المسؤول غير المنصف، أو الذي يظلم الموظفين من خلال التمييز بينهم على أسس غير علمية، أو بحسب المزاج، أو أن يقوم بدعم وتزكية الموظفين الأقل كفاءة خوفا على منصبه، لأنه يعتبر الموظفين الأكفاء منافسين له فهذا النوع من المسؤولين ينطبق عليه المثل القائل “فاقد الشيء لا يعطيه”، ولن يلقى أي استجابة لدى موظفيه عند تقديمه النصح والإرشاد لهم.
ومن الضروري التنبه إلى خطورة هذا النوع من المسؤولين، لتسببهم في هروب الكوادر المتميزة إلى جهات عمل أخرى، أو إحباطهم وتراجع أدائهم، بسبب التهميش الذي يتعرضون له، وتعمد إخفاء جهودهم ونسبها لأنفسهم أو لموظفين آخرين أقل كفاءة منهم. وفي المجال الإعلامي نجد الكتاب والإعلاميين يكتبون ويتحدثون عن كل ما من شأنه تحقيق المصلحة العامة وتقدم الأوطان من خلال وسائل الإعلام المختلفة، ومع ظهور وتطور وسائل التواصل الاجتماعي ازدادت الأدوات التي تصلهم بالجمهور. ويزداد التنافس بين مختلف وسائل التواصل الاجتماعي يوما بعد يوم، وتزداد إمكانياتها بسبب التقدم التقني، الأمر الذي ساهم في زيادة قدرة وسائل التواصل الاجتماعي على تقديم ميزات جديدة من شأنها إيصال الرسالة بأساليب وطرق جديدة أكثر وضوح وجاذبية للمتلقي، الأمر الذي أثرى وساهم في توسيع دائرة الإرشاد والنقد، فنجد أهل الاختصاص في شؤون الأسرة يقدمون بالصوت والصورة كل ما هو مفيد على تطبيقات الانستجرام واليوتيوب والسناب شات، ويكتبون ما لديهم على الفيسبوك والتويتر، وللمسؤولين بالقطاع الحكومي وكذلك الخاص له تواجد وحضور على مواقع وتطبيقات التواصل الاجتماعي، ونجدهم يقومون بوضع عصارة خبراتهم بين ايدينا للاستفادة من تجاربهم بمختلف المجالات، كما يقوم الأكاديميون والباحثون وأهل الاختصاص في التنمية البشرية بطرح أهم النظريات، وشرح أسباب تطور الغرب والدول الآسيوية كاليابان وأسباب التقدم الصناعي بهذه الدولة من خلال اعتمادها على جملة من الأمور ساهمت بنجاحها، مثل نظام الإنتاج بحسب الوقت المحدد (Just in Time) والكايزن(Kaizen)، ولا يقف الأمر عند ذلك بل يقومون بإسهاب بتشخيص أسباب القصور لدى الدول العربية. كل ذلك جميل ولكن من المهم جدا أن يكون ما يقال ويكتب متوافقا مع العمل ومع واقع الشخص المتحدث أو الكاتب.
رابط المقال بجريدة عمان