يعود الفضل في انتشار مفهوم الكايزن (Kaizen ) بمنتصف الثمانينات إلى الخبير الياباني ماساكي إماي ويمكن ترجمته إلى التحسين المستمر، ويعتبر هذا المفهوم من أهم وسائل التغيير التي من الضروري معرفتها بشكل أوسع بدول المنطقة لما له من دور مهم في مساعدة المؤسسات في حصولها على أفكار جديدة ومبتكرة لتحسين طرق وآليات العمل والحفاظ على قدرة الشركة أو المؤسسة على المنافسة، ويركز هذا المفهوم على التحسين المستمر في موقع العمل من خلال خطوات تدريجية.
إن التحسين المستمر الذي تحققه «الكايزن» في بيئة العمل يشمل الجميع من مديري ومهندسين وموظفين وعمال ليعمل الجميع معا لتحقيق الأهداف المرجوة دون الحاجة إلى ضخ استثمارات مالية كبيرة ومن المهم الإشارة إلى أن أثر تطبيق الكايزن غير مقتصر على بيئة العمل بل يمتد ليشمل الحياة الشخصية والأسرية والاجتماعية.
وتتم عملية التطوير والتحسين المستمر هذه في موقع العمل الفعلي أو موقع الحدث الذي يسمى باليابانية «جمبا» (Gemba)، ولهذا الأسلوب خمس خطوات، فأول خطوة يتعين القيام بها عند حدوث المشكلة هي وجود المدير أو المسؤول فورا في موقع الحدث ومتابعة الأمور أولا بأول، ويلي ذلك الاهتمام بعناصر موقع الحدث كالأجهزة والمعدات والمورد البشري، ففي حالة وجود أي مشكلة أو خلل متعلق بأحد هذه العناصر فعلى المدير أو المسؤول معالجة المشكلة أو العطل قبل مغادرة موقع العمل وعدم الاكتفاء بالتوجيه النظري. أما الخطوة التالية فهي اتخاذ إجراءات فورية لمنع توقف العمل، ومن ثم وضع حل جذري لمعالجة أسباب حدوث العطل أو المشكلة، وأخيرا وضع قاعدة تمنع تكرار حدوث المشكلة.
إن معالجة الهدر عند تنفيذ العمل يعود بالفائدة على المؤسسة أو الشركة وكذلك الزبون، ومن هنا تبرز أهمية الكايزن لكونها معنية بمعالجة مختلف أنواع الهدر، مثل الهدر الناجم عن الإنتاج الزائد عن الحد كطباعة أوراق أو وثائق قبل أوان الحاجة الفعلية لها أي أن محتواها قابل للتعديل، أو إنتاج كميات من سلعة ما تفوق طلبات الزبائن، وسبب هذا النوع من الهدر يعود إلى التخوف من حدوث الأعطال الفنية المفاجئة للآلات والأجهزة وأنظمة الحاسوب أو التغيب المفاجئ للموظفين. وكذلك تعالج الكايزن هدر الحركة ويقصد به كل حركة زائدة يقوم بها الموظف للسير إلى آلة تصوير الأوراق أو طابعة الحاسوب أو جهاز الفاكس، أو العامل في بحثه عن أدواته.
أما الهدر الثالث الذي تتولى الكايزن معالجته فهو هدر التخزين وسببه شراء أو تصنيع الأشياء قبل أن تكون هناك حاجة حقيقية لها، وهذا الأمر يؤدي إلى شغل مساحات كان بالإمكان الاستفادة منها وتوظيفها بشكل أفضل، كما أن تراكم البريد الإلكتروني غير المقروء يعتبر شكلا من أشكال هدر التخزين، وتكافح الكايزن أيضا هدر التشغيل ومن أمثلته إعادة إدخال البيانات نفسها إلى نظم المعلومات لعدم وجود قاعدة بيانات موحدة، وإعداد تقارير غير مستفاد منها والاعتماد على نهج المراقبة بدلا من إدخال تحسينات على العمل للقضاء على الأخطاء.
أما خامس أنواع الهدر الذي تكافحه الكايزن هو هدر الانتظار ومن أمثلته توقف العمال عن العمل لانتظارهم وصول المواد الخام، أو أن ينتظر العامل زميله حتى ينتهي من عمله قبل أن يشرع في تنفيذ العمل، أو تأخر العمل بسبب توقف العامل عن العمل لسبب ما إلى حين عودته، كما أن الكايزن معنية أيضا بمعالجة هدر النقل الذي يحدث إذا تجاوز الوقت الذي يستغرقه المستند في الانتقال بين المكاتب لكثرة الحاجة للحصول على الموافقات ومن أشكاله أيضا الإفراط في إرسال مرفقات البريد الإلكتروني أو توزيع نسخ من الأوراق أو الوثائق لأشخاص ليسوا بحاجة للاطلاع عليها. كما أن تجاوز الوقت المستغرق لنقل المواد الخام من مواقع التخزين يدخل ضمن هذا النوع من الهدر. إن تصحيح الأخطاء يحتاج إلى جهد مضاعف والمزيد من الوقت، ولذلك لم تغفل الكايزن عن مكافحة هدر الأخطاء التي يحدث بسبب عدم القدرة على تحديد احتياجات الزبائن بالضبط وبالتالي تقديم منتجات أو خدمات غير متوافقة مع احتياجاتهم، كما يدخل في هذا النوع من الهدر أخطاء إدخال البيانات وإصدار فواتير خاطئة وعيوب التصميم.
وختاما ان اعتماد تطبيق مفهوم الكايزن يسمح بالتحسين ورفع الكفاءة في العمل وتقليل التكلفة من خلال الاستمرار في إدخال تحسينات صغيرة وعلى مراحل بموقع العمل دون الحاجة إلى ضخ استثمارات مالية كبيرة.
imadhussain09@hotmail.com
صورة للمقال من موقع جريدة عمان
رابط المقال
رابط المقال
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق