مدونة عماد بن حسين باقر

مدونة عماد بن حسين باقر

الاصدقاء والصديقات

مرحبا بكم بمدونتي على شبكة المعلومات الدولية والتي حرصت على أن تحتوي على كل ما هو مفيد، أملا أن أكون قد وفقت في ذلك.

محاولاعبر هذه المدونة، تجميع ما كتبته من مقالات يندرج معظمها وليس جميعها بالطبع في مجال تقنية المعلومات، والتنمية والبشرية، والتخطيط، كما انني أسعى دوما عبر هذه المدونة إلى نقل جمال الأشياء والأماكن والتاريخ، عبر الصورة والفيديو.

نسئل الله عز وجل قضائكم أوقاتا طيبة....

م.عماد حسين باقر



الجمعة، 13 يناير 2017

التقرير التأسيسي للمحتوى الرقمي العربي (2-2)..نشر بجريدة عمان -صفحة دراسات -23-يونيو-2015

التقرير التأسيسي للمحتوى الرقمي العربي (2-2)

قراءة : عماد بن حسين باقر:– يشير التقرير إلى ضعف الدراسات المتعلقة بقضية المحتوى الرقمي العربي، حيث يعود ضعفها لعدة أسباب من أهمها أنها تعاملت مع هذا المحتوى على أنه مجرد كتاب اغان أو أفلام أو تراث حضاري ’ينقل من حالتة الورقية إلى الحالة الرقمية، ومن ثم وضعه على شبكة المعلومات الدولية «الإنترنت»  بغرض بيعه أو بهدف التنوير أو للوصول للعالمية، ويعتبر هذا المفهوم ضيق بالرغم من أهميته. وقد تبين من خلال الاطلاع على العديد من الدراسات والجهود السابقة التي بذلت في مجال المحتوى الرقمي العربي أن أغلبها تعامل مع أوضاع المحتوى من منطلقات نظرية، ولم يتم رصد هذا المحتوى في صورته الحية كما هو على الإنترنت وبالاعتماد على استخدام أدوات الرصد والتحليل وجمع المادة الخام في صورتها الواقعية على الشبكة.
وأوضحت الدراسة عن تعامل معظم البرامج والمبادرات والمشاريع مع نوعية واحدة أو قسم واحد فقط من هذا المحتوى، وهو المحتوى الفكري والإبداعي ومحاولة تقديمة عبر الشبكة في صورة رقمية قابلة للتوظيف وفق نموذج عمل يحقق الفائدة.
تحررت الدراسة الحالية من هذا المفهوم الضيق، من خلال تبني مفهوم متكامل وواسع ، يرى أن المحتوى هو المادة الخام الأساسية التي تتشكل منها البيانات والمعلومات التي تترابط كنسيج واحد ويعتمد عليها المجتمع ومراكز إتخاذ القرار فيه وأفراده ومؤسساته، في إدارة وحماية مصالحة اليومية وبناء ذاكرته وتاريخه والتعبير عن ثقافته وإبداعاته وهويته، والحفاظ على سلامة جميع هذه المصالح على المدى القصير والطويل.
وهذه المادة الخام الأساسية المعلوماتية هي محتوى معلوماتي مجتمعي مشترك يضم التفاصيل الكاملة لحياة الأفراد والجماعات داخل أي مجتمع، ويمكن تقسيمة إلى محتوى:
1)تعليمي وعلمي وبحثي.
2) سياسي وقانوني.
3) اعلامي.
4)اقتصادي وخدمي.
5)عسكري وأمني.
وكونت الدراسة صورة متكاملة عن المحتوى الرقمي العربي، موضحة أنه كيان ضئيل في عالم الإنترنت وحركته الإجمالية بين البطيئة والمعقولة، ونموه غير كافي للانتقال به من حالة الضآلة إلى حالة الضخامة وبعض أجزائه نما مبكرا وشاخ مبكرا، وبعضه الآخر يبدو متعثر الخطوات ، أما القسم الأخير فهو حديث العهد وفتي يبشر بنمو لا يعرف الهدوء.
وتشير الدراسة إلى ضرورة التنبه إلى مكامن الخطر التي تهدد الأوضاع الاستراتيجية العامة للمحتوى الرقمي العربي، فقد كشفت عن أن المحتوى الرقمي العربي يتأرجح استراتيجيا بين حالتين هما الخطر والانكشاف، فالأولى اضطرارية أو إجبارية والأخرى اختيارية، أي أنه كان بالإمكان تفاديها قبل وقوعها، وتجاوزها بعد أن وقعت، ولكنة يتعرض لها إما بسبب التجاهل أو الجهل أو قصر النظر.
أما حالة الإنكشاف والضعف فهي اضطرارية وتشمل ما يتعلق بخطوط وبوابات الربط الدولية الناقلة للمحتوى والمتمثلة في الكابلات البحرية الرئيسية بين البلدان العربية وشبكة الإنترنت عالميا، فهي جميعا تحت سيطرة وإدارة مؤسسات مالية واقتصادية عالمية كبرى ليس للحكومات والمؤسسات العربية نفوذ أو سيطرة أو تأثير واضح في تشغيلها، وإنما هم إما مستهلكين لخدماتها، أو تعمل دولهم كمعابر لمساراتها في بعض المناطق مثل الأراضي المصرية التي تعبرها الكابلات، وهي آتية من الشرق وتخترق أراضيها لتكمل رحلتها إلى البحر المتوسط وأوروبا. كما تنطبق حالة الانكشاف الاضطراري على النظم الأربع لإدارة شبكة الانترنت، وهي نظام تحديد العناوين الرقمية ومستخدمي الشبكة، ونظام تحديد أسماء عناوين المواقع على الشبكة، ونظام بروتوكولات الاتصال على الشبكة، ونظام الحاسبات الخادمة الجذرية.
وواقع الدول العربية أنها خارج سياق هذه النظم الأربع ، من حيث النشأة والتشغيل والتحكم والتأمين والتحديث والتطوير. ولا يستثنى من ذلك سوى الجهود، التي تبذلها بعض الدول العربية كمصر والأردن والسعودية للمشاركة في أنشطة تطوير وإعادة هيكلة هذه النظم وطريقة الإشراف عليها داخل منتدى الإنترنت العالمي، وداخل أنشطة منظمة الآيكان icann وبعض الفعاليات الدولية الأخرى.
وأخيرا رصدت الدراسة العديد من التحديات والفرص، التي تواجه المحتوى الرقمي العربي، وسنستعرض أولاً التحديات،  فحجم هذا المحتوى قليل ولا يتناسب على الإطلاق مع نصيب الوطن العربي من حيث العدد الإجمالي والزخم الفكري والسياسي والثقافي والاجتماعي واللغوي السائد بالمنطقة،  كما إنه لا يتناسب مع الموارد والدخل والناتج القومي الإجمالي للدول العربية.
أما  التحدي الثاني الذي أشار إليه التقرير فيتمثل في الجودة ،  فلا يزال المحتوى الرقمي العربي يعاني من المشاكل المتعلقة بالتحديث والتفاعلية والآصالة والتكاملية وتعددية الوسائط وغيرها، وهي جميعا تضعف من قدرتة على المنافسة.
ويمثل الاختلال في التوزيع الجغرافي التحدي الثالث، فلا يزال المحتوى العربي يتوزع بصورة غير متوازنة بين الدول العربية، ويتركز معظمة في دولتين أو ثلاث، إلى جانب المحتوى المكتوب باللغة العربية خارج الوطن العربي والمحتوى المجهول الجنسية، كما يوجد اختلال آخر متعلق بتناول القضايا ذات الاهتمام، حيث يتركز الجزء الأكبر من المحتوى في الترفيه والدين والرياضة، بينما نجد أن  قضايا مهمة مثل التنمية لا تأخذ وضعها الذي تستحقة، سواء من قبل المنتجين للمحتوى أو الجمهور الذي يتناوله.
ونقطة مهمة ينبه عليها التقرير هي نقص
الاستراتيجيات الوطنية والقومية الفاعلة والجادة في مجال المحتوى الرقمي العربي ، حيث تظهر معظم الجهود على شكل مشروعات متناثرة من دون أن يجمعها إطار مشترك. وآخر تحدي تشير له الدراسة هو إدارة العلاقة بين المعنين بقضية المحتوى الرقمي في وزارات الثقافة والصحة والتعليم والإدارة المحلية والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والقطاع الأكاديمي وكذلك الخاص.
أما الفرص التي أشارت إليها الدراسة تتمثل في وجود سوق كبيرة قابلة للنمو قادرة على تقديم العائدات والقيمة الاقتصادية المضافة ، عبر سلاسل من المنتجات والخدمات ، وتتسم هذه السوق بأنها مفتوحة وغنية بالتنوعات الاجتماعية والاقتصادية والمهارات المستعدة للتعامل مع المحتوى الرقمي ومنتجاته وخدماته. كما أن الاستعداد والتهيئة الغير مسبوقة من قبل المجتمعات والحكومات لتقبل المزيد من الاعتماد على المحتوى الرقمي العربي في خدمة الاستراتيجيات والمشاريع والخطط المستقبلية ، يفتح آفاقا جديدة للتوسع في المحتوى كما ونوعا.  وبالإضافة إلى ذلك فإن توفر فرص واسعة للعمل الثنائي والمشاريع البينية بين الدول والشركات والمؤسسات العربية، يمكن أن يحدث فيها تكامل للقدرات وتبادل للمنافع بين المعنين بقضية المحتوى الرقمي بمختلف القطاعات الحكومية والخاصة والاستثمارية  والأكاديمية.
وبالإمكان استثمار الاهتمام العالمي والتفضيل المحلي للمحتوى الرقمي المكتوب باللغة العربية على صعيد البحوث والتطوير وتوليد القيمة المضافة اقتصاديا ومعرفيا في مجالات متعددة كالترجمة مثلا، بما يزيد من تعزيز أوضاع المحتوى الرقمي العربي، ويوسع فرص الاستثمار فيه.
كما أن الاستعداد المجتمعي يتزايد مع الوقت لتقبل فكرة توظيف المحتوى الرقمي في تحسين نوعية الحياة والحصول على المزيد من الرفاهية والتعامل بصورة أكفأ مع المشكلات المزمنة القائمة، التي لم تعد تجدي معها أساليب المواجهة القديمة ، ويمثل هذا الاستعداد فرصة هائلة للنفاذ بالمحتوى الرقمي العربي إلى قطاعات جماهيرية أوسع ، عبر الربط بين الإمكانات الكامنة في المحتوى الرقمي وبين القدرة على تحسين نوعية الحياة وتقديم حلول أفضل للمشكلات القائمة.
وختاما بالإمكان توظيف المحتوى الرقمي العربي  كساحة للإبداع والابتكار والتعلم أمام الشريحة الواسعة من الشباب الصغير السن وحديث التخرج في المجتمعات العربية ، التي تتصف بكونها مجتمعات فتية سريعة الغرام بالمحتوى الرقمي والتكنولوجيا وعالم الانترنت. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق